بعد الإنتصار في معركة وادي برباط الخالدة التي فتحت الطريق أمام المسلمين بقيادة طارق بن زياد للتوغل في الشمال الإسباني ، بدأ التفكير في التوجه بالجيش الرئيسي نحو العاصمة طليطلة ، ووزع باقي الجيش في سرايا إلى أنحاء إسبانيا المختلفة
.
وقد توجَّه طارق بن زياد إلى مدينة (إِسْتِجَة) جنوب إسبانيا ، وكانت فلول الإسبان قد تجمَّعت لمعركة أخرى مع المسلمين ، ففتح طارق في الطريق (شَذُونَة) ثم (مورور) ، ثم في إِسْتِجَة قاتل المسلمون قتالاً عنيفاً ، لكنه أقلُّ مما كان في وادي بَرْبَاط ، فقد فَقَدَ النصارى معظم قوتهم في موقعة وادي بَرْبَاط ، وقبل أن ينتصر المسلمون في أواخر المعركة ، فتح النصارى أبوابهم وصالحهم طارق على الجزية
.
من (إِسْتِجَة) وبجيش لا يتعدَّى تسعة آلاف رجل بدأ طارق بن زياد بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبية الأخرى ، وانطلق هو بقوَّة الجيش الرئيسة شمالاً ، حتى يصل إلى طُلَيْطلَة عاصمة الأندلس آنذاك ، فقد بعث بالسرايا إلى قُرْطُبَة وغَرْنَاطَة ، ومَالَقَة ، ومُرْسِيَة ، وهذه كلها من مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر المتوسط ، والمطلَّة على مضيق جبل طارق ، وكان عدد الرجال في هذه السرايا لا يزيد على سبعمائة رجل ، ومع ذلك فقد فُتحت قُرْطُبَة على قوتها بسرية من تلك التي لا تتعدَّى سبعمائة رجل
.
كذلك كانت الحملات الأخرى التي أرسلها إلى غَرْنَاطَة وإِلْبِيرة ومَالَقَة تفتح البلاد والمدن ، وفتحت مُرْسِيَة وقاعدتها أوريولة صلحاً
.
أما بالنسبة لـ طُلَيْطِلَة [ التي قصدها طارق بجيشه الرئيسي ] فهي مدينة قديمة من مدن إسبانيا تقع في وسط شبه جزيرة أيبريا على مسافة 91 كيلو متراً جنوب غرب مدريد [ عاصمة إسبانيا الآن ] ويُحيط بها نهر التاجو من جهات ثلاث في وادٍ عميق يسقي أراضيها
.
وكان موسى بن نصير قد أوصى طارق بن زياد ألاَّ يتجاوز مدينة جَيَّان أو مدينة قُرْطُبَة ، وألاَّ يُسرع في الفتح في طريقه إلى العاصمة طُلَيْطِلَة حتى لا يحوطه جيش النصارى
.
لكن طارق بن زياد وجد أن الطريق إلى طُلَيْطِلَة مفتوحٌ أمامه ، وأن هذا هو الوقت المناسب لفتح طُلَيْطِلَة العاصمة ، التي تُعدُّ أحصن مدن النصارى على الإطلاق ، وقد رأى أنه إن هاجمها في هذه الفترة التي يُصيب النصارى فيها الضعف الشديد ، فلن يستطيعوا معه مقاومة جيش المسلمين ويتمكَّن من فتحها ، وهذا ما قد يتعذَّر بعد ذلك فلا يستطيع فتحها ، وثبتت براعة طارق فقد فتحت المدينةُ أبوابها له ، ودخلها دون قتال على قلَّة ما معه ، وانعدام المدد من خلفه
.
ثم لم يكتفِ طارق بفتح العاصمة ، بل واصل الزحف شمالاً ، فاخترق قشتالة وليون ، وطارد طارق فلول الإسبان حتى وصل إلى خليج بسكاي على المحيط الأطلسي ، فكانت هذه نهاية فتوحاته
.
.
فضلاً .. أكتب (تم) بعد إتمام القراءة 🌸
.
المصدر / قصة الإسلام – فتوحات طارق بن زياد في الأندلس – لـ د.راغب السرجاني
رأي واحد حول “أهم فتوحات طارق بن زياد في العمق الإسباني”