وجّه رسول الله ﷺ إلى طيئ فريقاً من جنده ، يقدمهم عليّ رضي الله عنه ، ففزع عُدي بن حاتم الطائي [ وكان من أشد الناس عداء لرسول الله ]
.
فلما عرض عليه الأسرى نهضت من بين القوم ( سفانة بنت حاتم ) فقالت : يا محمد ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ! فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكل ، ويعين على نوائب الدهر ، وما أتاه أحد في حاجة فرده خائباً ، أنا بنت حاتم الطائي !
.
فقال النبي ﷺ : يا جارية ، هذه صفات المؤمنين حقاً ، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه ، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ، ثم قال ﷺ : ( ارحموا عزيزاً ذل ، وغنياً افتقر ، وعالماً ضاع بين جهال ) ، وامتن عليها بقومها فأطلقهم تكريماً لها
.
فاستأذنته في الدعاء له ، فأذن لها ، وقال لأصحابه : اسمعوا وعوا .. فقالت : أصاب الله ببرك مواقعه ، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا جعلك سبباً في ردها عليه
.
فلما أطلقها رجعت إلى أخيها عُدي وهو بدومة الجندل ، فقالت له : يا أخي ، إيت هذا الرجل قبل أن تعلقك حبائله ، فإني قد رأيت هديا ورأيا سيغلب أهل الغلبة ، ورأيت خصالا تعجبني ، رأيته يحب الفقير ، ويفك الأسير ، ويرحم الصغير ، ويعرف قدر الكبير ، وما رأيت أجود ولا أكرم منه ، فإن يكن نبيّاً فللسابق فضله ، وإن يكن ملكاً فلن تزال في عز ملكه
.
فقدم عُدي إلى رسول الله ﷺ فأسلم ، وأسلمت سفانة بنت حاتم الطائي
.
.
فضلاً .. أكتب (تم) بعد إتمام القراءة 🌸
.
المصدر / كتاب وراء كل مثل قصة وحكاية – لـ وليد ناصيف – ص14