ﻳُﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ( ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ) ، ﺃن موظفي ﺍﻟﻘﺼﺮ أخبروه ﺑإﺳﺘﻴﻼﺀ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺬﻭﻉ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ ( ﻃﻮﺏ ﻗﺎﺑﻲ ) ، ﻭﺑﻌﺪ إﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ وجدوا أنه يجب ( ﺩﻫﻦ ﺟﺬﻭع الشجر ﺑﺎﻟﺠﻴﺮ ) ، ﻭﻟﻜﻦ كان ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ حين ﻳﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮ ، أن يأخذ رأي ( مفتي الدولة ) ، وﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻔﺘﻮى ، ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ببيت شعر ﻳﻘﻮﻝ فيها :
.
ﺇﺫﺍ ﺩﺏ نمل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺠﺮ
ﻓﻬﻞ ﻓﻲ ﻗﺘﻠﻪ ﺿﺮﺭ ؟
.
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺣﺎﻝ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻗﺎﺋﻼً :
.
ﺇﺫﺍ ﻧُﺼﺐَ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ
أخذ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﺣﻘﻪ ﺑﻼ وجل
.
في إشارة منه إلى ما هو أعظم وأهم ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺩﺃﺏ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳُﻠﻴﻤﺎﻥ ، ﺇﺫ لا يكاد ﻳُﻨﻔﺬ ﺃﻣﺮاً ﺇﻻ ﺑﻔﺘﻮﻯ ﻣﻦ ﺷﻴﺦ ﺍلإسلام ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ
.
وعندما ﺗُﻮﻓﻲ ﺍﻟﺴُﻠﻄﺎﻥ ، ﻭﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﻭﺻﻰ ﺑﻮﺿﻊ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ، ﻓﺘﺤﻴَّﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭ ﻇﻨﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻠﻲﺀ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﻴﺰﻭﺍ ﺇﺗﻼﻓﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺘُﺮﺍﺏ ، ﻭﻗﺮﺭﻭﺍ ﻓﺘﺤﻪ ، عندها أﺧﺬﺗﻬﻢ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ! حيث ﺭﺃﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺼَّﻨﺪﻭﻕ ﻣﻤﺘﻠﺊ ﺑﻔﺘﺎﻭاهم ، حتى يدافع بها عن نفسه يوم الحساب ، ﻓﺮﺍﺡ ( مفتي الدولة العثمانية ) ﻳﺒﻜﻲ ﻗﺎﺋﻼً : ( ﻟﻘﺪ ﺃﻧﻘﺬﺕ ﻧﻔﺴﻚ ﻳﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ، ﻓﺄﻱ ﺳﻤﺎﺀٍ ﺗﻈﻠﻨﺎ ﻭﺃﻱ ﺃﺭﺽٍ ﺗُﻘﻠّﻨﺎ ﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻣﺨﻄﺌﻴﻦ ﻓﻲ ﻓﺘﺎﻭانا ؟ )
.
( هكذا كان العلماء ! وهكذا كان الحكام ! )
.
.
المصدر / العظماء المائة – لـ جهاد الترباني – بقلم : د.مصطفى الستيتي
.
فضلاً .. أكتب (تم) وشاركنا بـ برأيك + لايك .. بعد إتمام القراءة 🌸