كانت كلمة الصقالبة تطلق في الأندلس على الأسرى من الأجناس السلافية ، وكان لفظ الصقلبي ينسحب في عصر الرحالة ( ابن حوقل ) في القرن ( الرابع الهجري / العاشر الميلادي ) على الرقيق الذين من أصل أجنبي ، سواء في ذلك من كانوا من بلاد أوربا أو من إسبانيا ذاتها ، وكان أولئك الصقالبة مزيجاً من الإسبان والألمان والفرنسيين والإيطاليين ، وكان معظمهم يؤتى بهم أطفالاً بواسطة قراصنة البحر ، وكانوا ينخرطون في سلك الجندية بالأندلس وأعمال مدنية أخرى
.
وكان الصقالبة يختارون من الجنسين ، ويربون منذ الحداثة تربية إسلامية حسنة ، ويلقنون مبادئ الإسلام ، وقد نبغ بعضهم في النثر والشعر وصنفوا الكتب الإسلامية والقصائد العربية ، وقد علا شأنهم فيما بعد ، وتولوا مناصب الرياسة والقيادة
.
كما كان لهم دور بارز في السياسة الأندلسية يتناسب وازدياد عددهم ، حتى أنهم كوّنوا طبقة اجتماعية تشبه إلى حد ما طبقة المماليك الأتراك في المشرق الإسلامي
.
ويعد الأمير ( الحكم بن هشام الأموي ) أول من أظهر فخامة الملك بالأندلس ، والواقع أنه أول من أنشأ بالأندلس بلاطاً إسلامياً ملوكياً بكل معاني الكلمة ، وأقام له بطانة ملوكية فخمة ، فاستكثر من الموالي والحشم ، وأنشأ الحرس الخاص ، وفي عهده ظهر الصقالبة لأول مرة في البلاط بكثرة ، وكان جده ( عبدالرحمن الداخل ) أول من وضع سياسة اختيار الموالي الصقالبة ، وتوسع حفيده ( الحكم بن هشام ) في تطبيق هذه السياسة ، فاستكثر من الصقالبة ، وعهد إليهم بمعظم شئون القصر والحرس الخاص
.
وحينما انهارت الخلافة الأموية في الأندلس فر الصقالبة إلى شرق الأندلس ، حيث قامت الدويلات الصقلبية ، ومن أبرز حكامها : ( مجاهد العامري ) الذي تولى حكم ولاية دانية ، والذي استطاع بقوة أسطوله أن يضم ( جزر البليار ) الواقعة شرق الأندلس إلى ملكه ، ومن ثم اتخذها قاعدة انطلق منها أسطوله لفتح جزر البحر المتوسط ، وكذلك ( لبيب الصقلبي ) الذي حكم ولاية طرطوشة ، وغيرهم
.
ورغم أن الصقالبة لم يذوبوا في المجتمع الأندلسي ، بل كان لهم كيانهم الخاص إلا أنهم قد لعبوا دوراً ثقافياً في تاريخ إسبانيا الإسلامية ، وتأثروا بالحضارة الإسلامية في الأندلس بفضل اتصالهم بها ، وتثقف الكثير منهم ، فكان منهم علماء ومفكرون وشعراء
.
.
المصدر / موقع قصة الإسلام – بإشراف الدكتور : راغب السرجاني
.
فضلاً .. شاركنا بـ برأيك وأدعمنا بـ ( منشن + لايك ) لتعم الفائدة 🌸